قدرات طفلك عند ولادته

بسبب عجز الرضيع عند ولادته عن التعبير عما يشعر به أو يفكر فيه فإن ذلك يجعل الكثير يفترض أن الرضيع في مهده لا يشعر بما يدور حوله ولا يتفاعل معه، وحتى عصر قريب كان البعض يعتقد أن الرضيع يولد أعمى ولا يستطيع التذوق أو الشم أو حتى الاحساس بالألم.. لكن هذا ليس صحيحًا.

قد يولد الإنسان ضعيفًا من الناحية البدنية لكنه يصل إلى عالم الدنيا بجميع أجهزة جسده وقد بدأت عملها وعلى استعداد أن تتفاعل مع بيئته المحيطة وكما سنذكر لاحقًا فإن عملية التعلم عند الرضيع تبدأ بالفعل بينما لازال في رحم والدته..

ولدراسة قدرات الرضع عند الولادة وما بعدها تم الاعتماد في الدراسة على عدة طرق منها:

  1. طريقة المثير والاستجابة:

وسيلة ذكية إلى حد ما تعتمد على مبدأ أن تحدث تغير ما في البيئة المحيطة بالرضيع ومن ثم ملاحظة تأثير هذا التغير على الطفل ومتابعة مدى استجابته.

على سبيل المثال:

لو أحدثنا صوتًا أو وميضًا من النور وراقبنا مدى استجابات هذا الرضيع لهذه المثيرات وأهم هذه الاستجابات التي نحشد لها الاهتمام هى حركة رأسه وتغير معدل ضربات قلبه أو ظهور تغيرات في رسم المخ أو بشكل أبسط من خلال ملاحظة التغير في امتصاصه للبن من ثدى الأم.. إذا أحدثنا المؤثر أثناء رضاعته فكلها مؤشرات تدل على أن هذا الرضيع قد انتبه للتغير الذي حدث حوله، وخلال ملاحظة الرضيع من الممكن أن يعرض الباحث على الرضيع مؤثرين في نفس الوقت وبعدها  يتابع لأيهما انتبه الرضيع مدة أطول أو أنه نظرًا لمدة أطول لواحد أكثر من الآخر وساعتها نستنتج أن أحد المؤثرين أكثر جذبًا للانتباه للرضيع أو أنه يفضل أحدهما على الآخر.

  1. طريقة التعود وزوال التعود:

إذا تعرضنا لأمر ما (صوت قطار، ضوء، أخبار مفزعة) بشكل ثابت فإن ردود أفعالنا لهذا المؤثر ستقل تدريجيًا ومع الوقت فلا نتفاعل معه أصلاً وكأنه غير موجود.. وهذا ما نسميه “التعود”، والكثير منا عاصر مثل هذه الأمور وبخاصةً من سكن بالقرب من قطار أو ترام..

ففي بادئ الأمر تكون أصواتها مزعجة للغاية ومع الوقت يتعود الشخص على تلك الأصوات وكأنها غير موجودة بينما ينتبه فقط إلى غيابها أو التغير فيها.. وهو ما نسميه زوال التعود.

على هذا الأساس تعتمد فكرة التعود وزوال التعود في اختبار مدى استجابة الرضيع للمنبهات من حوله، فلو لاحظنا أن الرضيع لم ينتبه إلى التغير من حوله فإن ذلك يعني أن التغير الذي أحدثناه لم يكن بالدرجة التي يستطيع أن يلحظها.

مثال: يقوم الطبيب بإحداث صوتًا ما بينما يقوم بملاحظة ضربات قلب الرضيع بجهاز متخصص ولمدة معينة وبعدها يجد تغيرًا في الصوت (درجته، نغمته، مدته) فإذا تلى ذلك بطء في ضربات القلب فإن هذا يعني أن الرضيع فطن للتغير الذي حدث في الصوت المستخدم.

وسنتحدث الآن على حواس الرضيع عند الولادة وما بعدها بشئ من التفصيل.

  1. حاسة السمع عند الولادة:

يلاحظ على الرضع فزعهم عند حدوث صوت عال مفاجئ كما أنهم يديرون رؤوسهم تجاه الناحية التي ينبعث منها الصوت.. لكن مع مرور الأيام وببلوغ الرضيع أسبوعه السادس فإن عملية إدارة الرأس تجاه الصوت غالبًا ما تختفي ولكنها تظهر ثانيةً عند بلوغه شهره الثالث أو الرابع وعند هذا العمر فإن الطفل لا يدير رأسه للبحث فقط عن الصوت لكنه يجول بنظره ويحدق بعينيه إلى مصدر الصوت، ويفسر الغياب المؤقت لعملية دوران رأسه بأنها مرحلة نضجية فاصلة بين كون عملية دوران الرأس تجاه الصوت مجرد رد فعل (أى يحدث لا إراديًا) إلى كونه حركة إرادية من الطفل ليتحول تجاه مصدر الصوت أو ببلوغه شهره السادس يلاحظ زيادة كبيرة في قدرة الرضيع على الانتباه للأصوات المختلفة.

باستخدام طريقة (التعود وزوال التعود) لوحظ أن الرضيع بعد ولادته يستطيع التمييز بين العديد من الأصوات حتى المتشابهة منها، كما أن له القدرة على التمييز بين الصوت الآدمي وغيره (صوت آلة، صوت حيوان).

ومما سبق نقول أن الرضيع عند ولادته يولد بالاستعدادات التي تمكنه من اكتساب لغة الإنسان وطريقة حديثه والتي ستعينه لاحقًا على صناعة حوار جيد مع غيره.

  1. حاسة الإبصار عند الولادة:

عند الولادة يكون الجهاز البصري في طور من أطوار نموه ولم يكن قد وصل بعد إلى التكون الكامل لذلك فإن حدة الإبصار عند المولود تكون ضعيفة جدًا ولذا فإنه يرى الأشياء من حوله غير واضحة، كما أنه لا يقوى إلا على رؤية الأشياء القريبة جدًا.. وسرعان ما تتحسن قدرته على الإبصار خلال الأشهر الأولى، ومع قدرته على الزحف (الحبو) أو بلوغه شهره السابع أو الثامن فإن قدرته على الرؤية تماثل تلك التي يمتلكها البالغين.

وسبحان الله رغم ضعف نظرهم بعد الولادة إلا أن الرضع غالبًا ما يقضون الكثير من الوقت ينظرون هنا وهناك ويجولون بأبصارهم في العالم من حولهم..

فهم يمررون أعينهم على العالم من حولهم بطريقة منظمة إلى أن تتصيد أعينهم شئ ما داخل مجال رؤيتهم، كما أنهم ينجذبون إلى المناطق عالية التباين مثل حواف الأشياء حيث تعتبر حدًا فاصلاً بين شكلين مختلفين، لذا فإنهم لا يصرفون اهتمامهم إلى النظر إلى كامل الشئ كما يصنع الكبار لكن يحدقون النظر إلى حوافها، ولهذا فإن ألعاب الأطفال الموجهة لتلك الفئة العمرية يراعي عند تصميمها أن تكون ذات تباين في ألوانها كاستخدام ألوان الأبيض والأسود أو استخدام الألوان الزاهية المتباينة.

وبمتابعة عدد كبير من الرضع لوحظ أن لهم القدرة على التمييز بين الألوان المختلفة كما أنهم يفضلون الأشكال ذات التداخلات الكثيرة عن الأشكال البسيطة، كما أنهم يفضلون الأشكال ذات الانحناءات والخطوط الدورانية عن الأشكال ذات الخطوط المستقيمة، كما أنهم يلتفتون إلى شكل الأوجه..

وعندما تعلم ذلك فاختر لعب أطفالك بأسلوب علمي.. وراعي أن تكون ألوانها مليئة بالمنحنيات أو التي تحمل صورة وجه وستجد أنها تجذب اهتمام طفلك.

والرضع في أيامهم الأولى يحدقون نظرهم على حواف الوجه حيث يجدون فيه تباينًا ملحوظًا بين الوجه والخلفية المحيطة، وبعد تمام الشهر الثاني يحدق الرضيع نظره على شكل الوجه ذاته بما يحتويه من أنف وفم وعينين وعند هذه المرحلة يلحظ الوالدان أن طفلهم يطيل النظر إليهم محافظًا على تواصل بصري يسعدهم.

3.حاسة التذوق:

بعد فترة قصيرة من الولادة يستطيع الرضيع التمييز بين المذاقات المختلفة ومن المعروف أن الرضيع يفضل السوائل سكرية المذاق عن تلك التي لها مذاق مالح أو لاذع أو حامض أو عديمة الطعم.

تظهر علامات تقبل الرضيع للسوائل السكرية بظهور تعبيرات استرخائية على وجهه، فتظهر حركات على كل من عضلات الفم والوجنتين وكأنه يبتسم ابتسامة خفيفة قد يصاحبها لعق الشفاه بعدها..

لكنها في الحقيقة انبساط لعضلات تلك المنطقة من الجسم.

وعلى العكس فإن رد فعله للمذاق المر يختلف تمامًا، فسرعان ما يفتح الطفل فمه مبعدًا إياه عن مصدر ذلك الطعم مديرًا وجهه للجهة العكسية متبوعًا أو مصحوبًا بظهور علامات الاشمئزاز.

4.حاسة الشم:

يستطيع حديثي الولادة التمييز بين الروائح المختلفة فمع إنبعاث رائحة طيبة يديرون رؤوسهم تجاه مصدر إنبعاث الرائحة ويصاحب ذلك هدوء ضربات القلب ومعدل التنفس مشيرة إلى حالة من الانتباه تنتاب صاحب هذه الانفعالات، وعلى العكس فإن الروائح النفاذة (كرائحة الأمونيا أو البيض الفاسد) تجبرهم على إدارة رؤوسهم عكس إتجاه إنبعاث الرائحة مع تسارع ضربات القلب ومعدل التنفس مما يبرهن على وجود حالة من الرفض قد انتابت هذا الرضيع.

وليس هذا كل شئ فللرضيع القدرة على ملاحظة الاختلافات البسيطة بين الروائح المختلفة فبعد ولادته بعدة أيام يمكنه التمييز بين رائحة لبن أمه وبين أى أم أخرى.

والقدرة الفطرية للتمييز بين الروائح والتفاعل معها هى من هبات الله لخلقه حتى يقوي بها على تجنب ما يضره في بيئته.

القدرة على التعلم ونمو الذاكرة

كلنا نعلم أن مخ الإنسان عند ولادته لا يكون قد نضج بشكل كامل مما جعل الكثير يعتقد خطأ أن الرضيع لا يستطيع أن يتعلم أو يتذكر أى شئ وكأنه بلا عقل.

لكن الأمر ليس كذلك فمسألة التعود ذاتها التي تحدث للرضيع تؤكد أن لديه ذاكرة عاملة تمكنه من إدخار المعلومات وتوقع حدوثها بشاكلة معينة، فعندما نلحظ أنه أعطى قليل من الانتباه لصوت يتكرر بنفس النمط والحدة.. إذن فهو قادر على تذكر أن هذا الصوت هو ذاته الذي سبقه.

هناك العديد من الدراسات التجريبية أجريت لدراسة مدى تحصيل الرضيع للمعلومات ومراقبة قدرته على التذكر ومن خلالها لوحظ أن الرضيع يتمتع بذاكرة جيدة مع إتمام الشهر الثالث من العمر كما أنه يتذكر جيدًا صوت والدته.

أثبتت الدراسات أن الرضيع يستطيع التعرف وتذكر الأصوات التي أنسها خلال فترة الحمل وأهمها صوت والدته.

يشعر الرضيع بالارتياح عند استماعه لصوت آدمي ويفضله على غيره من الأصوات، كما أنه يفضل أصوات الإناث على أصوات الرجال وبخاصةً صوت والدته، ويشير ذلك إلى تذكر الرضيع لصوت والدته الذي اعتاد سماعه كثيرًا أثناء الحمل، كما أن من أكثر الأصوات التي اعتاد سماعها صوت ضربات قلب والدته نظرًا لقرب الرحم من قلب الأم وفيما يبدو أن سماع الرضيع لهذا الصوت المألوف إليه منذ حياته بالرحم تمنحه الطمأنينة حيث يسمعه وهو بين ذراعي والدته.

ومن كل هذه المشاهدات فلا تبالغ إذا قلنا أن عملية التعلم عند الطفل تبدأ وهو بداخل رحم والدته.

الحركات الكبرى الحركات الدقيقة المهارات الاجتماعية القدرات اللغوية
الشهر الثالث يستطيع الرضيع نصب رقبته ورفع رأسه عندما تحمله يقوم الرضيع بفتح يده بصورة تلقائية يبتسم عندما يرى أحد من الممكن أن يقول “آآه، نا” أو يضحك بصوت عال
الشهر السادس يستطيع الجلوس لفترات وجيزة مستندًا على ذراعيه يستطيع نقل شئ من يد إلى اليد الأخرى في الشهر السادس يستطيع التعبير عن إعجابه أو رفضه من الممكن أن يقول أصوات مثل “با – با”
الشهر الثامن يستطيع الجلوس بمفرده لمدة طويلة ودون الاستناد إلى ذراعيه يمسك الأشياء بطريقة مسك القلم (بين الإبهام وباقي اليد) يسعد عندما تخفي وجهك بيدك ثم تظهره فجأة ويتفاعل بابتسامة أو ضحكات يمكنه ترديد أصوات بسيطة مثل ماما – واوا
الشهر التاسع يبدأ في عملية الزحف (الحبو)
سنة من العمر يستطيع المشى مستندًا على شئ كأن يمسك في يد والدته أو يستند على طرف كرسي ويستطيع المشى منفردًا على الشهر الثالث عشر إلى الخامس عشر لو كان يمسك أى شئ في يده وطلبت منه أن يتركه يستجيب لك لو ناديت عليه يأتيك ويستمتع بالألعاب البسيطة كاللعب بالكرة يستطيع النطق بكلمة أو اثنتين
عام ونصف يستطيع صعود السلم ماسكًا يديه في أحد جوانبه كما يستطيع أن يجلس بنفسه في كرسي صغير يستطيع إطعام نفسه بالملعقة يحاول تقليد أفعال الآخرين يستطيع نطق 6 كلمات على الأقل
عامين يجري جيدًا، يستطيع الصعود والنزول على السلم منفردًا لكن درجة درجة في المرة يستطيع تركيب 6 مكعبات فوق بعضهم البعض يستمتع باللعب مع الآخرين يقول جملة مكونة من كلمتين أو ثلاثة
عامين ونصف يصعد السلم مبدلاً بين قدميه
3 سنوات يستطيع ركوب دراجة ذات 3 عجلات، يستمتع بالقفز يستطيع تركيب 8 مكعبات فوق بعضهم البعض يذهب للحمام منفردًا، يستطيع الأكل بالشوكة والسكينة يستخدم حروف الجر، يركب جمل من 4 كلمات، يعرف 4 ألوان، يعرف اسمه كاملاً وعمره وجنسه
4 سنوات يقفز على قدم واحدة يستطيع رسم رجل (من 6 أجزاء جسم، ذراعين، قدمين ورأس يختار صديق واحد، يستطيع اللعب بين مجموعة يتحدث بطلاقة، يسأل عن معاني الكلمات والأشياء

 

عن د.محمد حسين

دكتور محمد حسين؛ مؤسس موقع نفسي دوت نت. استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين. الزمالة المصرية للطب النفسى الزمالةالمصرية لطب النفس الأطفال والمراهقين عضو الجمعية المصرية للطب النفسي. عضو الجمعية المصرية للعلاج المعرفي السلوكي. عضو الجمعية المصرية للطب النفسي للأطفال والمراهقين.

أبحث أيضاً في

الهلع له علاج

إضطراب الهلع من الإضطرابات النفسية الشهيرة ورغم إنتشاره إلا إن  كتير من الناس ليس لديها …