التبول اللا إرادي

سلـــــــــــس البـــــــــــــــول

(التبول اللا إرادي)

هو تكرار تبول الطفل في ملابسه أو في سريره ويشتمل التعريف سواء كان متعمدًا أو دون قصد.. لكى نقول أن الطفل مصاب بحالة مرضية.. فلابد من حدوث ذلك على الأقل مرتين في الأسبوع ولمدة لا تقل عن 3 شهور أو أن يكون الوضع شديدًا لدرجة تعرقل حياة الطفل الاجتماعية والدراسية ولا يتم وصف ذلك اضطرابًا إلا بعد بلوغ الطفل عمر 5 سنوات أو أكبر.

لماذا يصاب الأطفال بسلس البول؟

لله الحمد فإن معظم الأطفال الذين يعانون من سلس البول لا يوجد لديهم أى مشاكل في الجهاز العصبي وغالبًا ما يكون السبب في هؤلاء الأطفال ناتجًا عن عوامل سلوكية تؤثر على عملية تفريغ البول من المثانة والتي بدورها تعيق عملية النضج الطبيعي للتحكم في أمر التبول..

تعتبر متلازمة “هين مان” من الحالات الشديدة لاضطراب تفريغ البول من المثانة، ويعتقد أن سبب تلك الحالة الشديدة هو التعود الخاطئ الإرادي على غلق الفتحة الخارجية لخروج البول وذلك عند الرغبة الشديدة للتبول، وقد يبقى الوضع كما هو عليه سابقًا فيتعود الطفل على تلك الطريقة الخاطئة من التحكم وخاصةً في الأطفال الصغار حتى وإن كانت عضلات المثانة طبيعية، ومع تكرار عملية الغلق المفاجئ لفتحة خروج البول عند الرغبة في التبول في العضلة المتحكمة في تلك الفتحة تصبح أقوى والذي بدوره ينعكس على المثانة التي تقلل من تنبيهاتها العصبية والتي تخبر الإنسان بضرورة الذهاب إلى الحمام وإفراغ المثانة، وبتقليل تلك المنبهات لا يتم إفراغ المثانة بشكل منتظم مما يؤدي إلى تسرب البول وخروجه من المثانة أثناء النوم أثناء إرتخاء عضلات المثانة ودون إرسال تلك المنبهات العصبية فيخرج البول دون الشعور بالرغبة في التبول.

هذه الطريقة البدائية للتخلص من البول قد تكون السبب الرئيسي لسلس البول في معظم الحالات وخاصةً إذا تكررت في سن مبكر.. وغالبًا ما يحدث سلس البول بشكل لا إرادي بل قد يحدث دون إدراك من الطفل فيفاجئ بنفسه وقد إبتل.

تلعب العوامل الفسيولوجية دورًا هامًا في نشأة سلس البول لكن العادات السلوكية الخاطئة هى التي تحافظ على استمرار تلك الطريقة الخاطئة..

تتم عملية التحكم في المثانة بصورة تدريجية وهى مهارة يكتسبها الطفل مع الوقت وتتأثر هذه العملية بالعديد من العوامل منها مدى نمو الجهاز العصبي العضلي لدى الطفل ومدى قدراته الذهنية ونموها، بالإضافة إلى العوامل النفسية والاجتماعية ومدى ما تلقى الطفل من تدريبات على استخدام الحمام (ارجع بالتفصيل إلى مقال التدريب على استخدام الحمام في الموقع) كما تلعب العوامل الوراثية والجينات دورًا هامًا وأى اضطراب في واحد أو أكثر من هذه العوامل يؤثر سلبًا على أمر التحكم في التبول ووجد أن 75% من الأطفال الذين يعانون من سلس البول لديهم قريب من الدرجة الأولى يعاني من نفس المشكلة كما أن احتمالية أن يعاني الطفل من هذه المشكلة إذا كان والده يعاني منها تصل إلى 7 اضعاف احتمال لو كان الأب سليمًا.. كما ظهر ذلك واضحًا في الدراسات التي تمت على التوائم  المتماثلة والمتآخية فأثبتت ارتفاع النسبة في التوائم المتماثلة مشيرة إلى دور الجينات الوراثية لكن بالطبع العامل الوراثي ليس العامل الوحيد.

قام فريق من الباحثين بمتابعة مدى حساسية المثانة لكمية البول التي بداخلها وكانت نتيجة البحث أن المثانة عند الأطفال الذين يعانون من سلس البول تكون أكثر حساسية لكمية البول بداخلها فتبدأ في إرسال الإشارات العصبية عندهم بكمية من البول أقل من الطبيعي وكذلك بمتابعة الأطفال الذين لا يعانون من سلس البول وجدا أن المثانة لديهم لا تتسم بتلك الحساسية المفرطة لأى كمية بول.

وفي دراسة أخرى على عملية التبول أثناء الليل وجد أن ذلك لا يحدث إلا إذا امتلأت المثانة وقد يحدث ذلك نتيجة لنقص في إفراز هرمون (ADH) وهو الهرمون المسئول عن تقليل إفراز البول من الكلى وبنقص إفرازه يزداد إخراج الكليتين للبول مما يؤدي إلى إمتلاء المثانة ومن ثم عدم قدرة الطفل على التحكم فيها.. وثبت من تلك الدراسة أن عملية سلس البول لا ترتبط بمرحلة معينة من مراحل النوم أو وقت معين من الليل وفي معظم الأطفال فإنهم ينامون بشكل جيد..

تلعب الضغوط والتوترات في محيط العائلة دورًا هامًا في نشأة سلس البول في مجموعة غير قليلة من الأطفال.. فترى في الأطفال حديثي السن أن ظهور سلس البول عادةً ما يكون متزامنًا مع ميلاد أخ أو أخت له.. أو كان بسبب مروره بوعكة صحية شديدة أدت إلى دخوله المستشفى وخاصةً بين سن سنتين وأربع سنوات.. أو كان ذلك بسبب دخول المدرسة أو حدوث توترات عائلية اخرى كموت أحد أفراد العائلة أو انفصال الوالدين أو حتى الانتقال إلى منزل جديد.

أنواع سلس البول:

هناك ثلاث أنواع:

  1. سلس البول الليلي.
  2. سلس البول النهاري.
  3. سلس البول الليلي النهاري.

ما مدى انتشار هذا الاضطراب:

ذكرنا سلفًا أنه لا يتم تشخيص سلس البول قبل بلوغ سن 5 سنوات وعامة فإن معدل انتشاره يقل مع زيادة العمر وقد أثبتت الإحصائيات الحديثة أنه ينتشر في الأطفال الذين في عمر المدرسة بنسبة تتراوح بين 2 – 5% ويجب الأخذ في الاعتبار أن عدم تحكم الطفل في عملية التبول أمر مقبول وعادي في السن الصغير لذا نجد أن 80% من الأطفال الذين بلغوا من العمر عامين لازالوا لا يقدرون على التحكم في عملية التبول بشكل سليم.

ويقل معدل انتشاره في الأطفال الذين بلغوا 3 سنوات لتكون النسبة 50% تقريبًا بينما في الأطفال الذين بلغوا 4 سنوات فإن النسبة لا تتعدى 26% وتقل كثيرًا عند سن 5 سنوات لنجد أنها 5% فقط لازالوا يعانون منه بينما في سن المراهقة لا تتعدى النسبة 2% تقريبًا وفي البالغين يقدر انتشاره بحوالي 1% فقط.

على الرغم من غالبية الأطفال لا يعانون من أى اضطرابات نفسية مصاحبة لكنهم عرضة للإصابة بالعديد من الاضطرابات السلوكية والنمائية كنتيجة لذلك السلوك المزعج..

ينتشر سلس البول في الأولاد أكثر من البنات بنسبة 4 : 1 أى أن 80% من الحالات هم من البنين.

التشخيصات المشابهة:

هناك العديد من الأمراض التي تؤدي إلى أعراض مشابهة لسلس البول.. لابد من التأكد أن الطفل لا يعاني من أحدها فبل البدء في العلاج.. فهناك عدة أمراض عضوية تصيب مجرى البول مثل العدوى أو حدوث إنسدادات أو ضيق مجرى أحد القنوات… كل ذلك قد يؤدي إلى حالة يصعب فيها التحكم في البول، وقد يكون هناك إصابة للأعصاب المغذية لمنطقة مجرى البول والعضلات التي تتحكم في عملية التبول، وهناك مرض تطوري يسمى (الصلب المفلوج الخفي spina bifida oculta) يعيق عملية التحكم في التبول..

إلتهاب المثانة من الأمراض التي تؤدي إلى صعوبة التحكم في عملية التبول كما أن هناك العديد من الأمراض التي تؤدي إلى زيادة إفراز البول مثل الإصابة بمرض السكر، إصابة الطفل بنوبات صرعية اثناء نومه تفقده السيطرة على عضلاته وقد يعض لسانه أو يتبول دون دراية منه أثناء النوم.

قد تكون المشكلة في كفاءة نوم الطفل مثل الأطفال الذين يمشون اثناء النوم.. ومن يمشي أثناء النوم فليس من الغريب عليه أن يتبول أيضًا فالمشكلة هنا في علاج اضطراب النوم ذاته.. ويجب أن نتذكر أن هناك بعض الأدوية قد يكون من آثارها الجانبية التبول اللا إرادي أثناء الليل (مثل عقار الميليريل والكلوزابين).

الفحوصات المطلوبة للتشخيص:

حتى الآن لا يوجد إجراء طبي مخصوص لتشخيص حالات سلس البول ولكن تأتي أهمية التحاليل والأشعة لاستبعاد وجود أى أمراض عضوية من التي ذكرناها في التشخيصات المشابهة وبالطبع لابد من الرجوع لمتخصص لتحديد الإجراء المناسب.

هل سيظل طفلي هكذا؟

عادةً ما يختفي بعد فترة ومع حدوث التعافي المفاجئ يشعر الطفل بتحسن نفسي نتيجة لإختفاء ذلك الأمر وبذلك ترتفع روحه المعنوية وتعود إليه الثقة بالنفس مما ينعكس على علاقاته الاجتماعية.

ولكن لا يجب أن نطلب من الطفل المعجزات، فحتى لو حدث وتبول على نفسه على فترات متباعدة فإن ذلك أمرًا مقبولاً.. فحوالي 80% من الأطفال لا يستطيعون إكمال عامًا كاملاً دون أن يحدث لهم مرة واحدة على الأقل من سلس البول وغياب ذلك نهائيًا لا نراه إلى في الأطفال الذين بلغوا 8 سنوات، أما بعد 8 سنوات فلو حدثت ولو لمرة واحدة فيجب أخذ ذلك بجدية واستشارة طبيب متخصص في الأطفال فقد يكون ذلك بسبب عضوي.

الانتكاسة المحتملة:

في الأطفال الذين عانوا مسبقًا من سلس البول أو حتى في الأطفال الذين لم يعانوا من قبل مما قد يؤدي إلى فقدان الثقة والإنحصار الاجتماعي وقد يؤدي إلى نشوب مشاكل أسرية على مستوى الوالد أو الوالدة.. يتأثر مسار سلس البول بالأعراض النفسية المصاحبة ومدى خضوع الطفل للعلاج.

عن د.محمد حسين

دكتور محمد حسين؛ مؤسس موقع نفسي دوت نت. استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين. الزمالة المصرية للطب النفسى الزمالةالمصرية لطب النفس الأطفال والمراهقين عضو الجمعية المصرية للطب النفسي. عضو الجمعية المصرية للعلاج المعرفي السلوكي. عضو الجمعية المصرية للطب النفسي للأطفال والمراهقين.

أبحث أيضاً في

الهلع له علاج

إضطراب الهلع من الإضطرابات النفسية الشهيرة ورغم إنتشاره إلا إن  كتير من الناس ليس لديها …